responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 39
اسْتِحْقَاقِ عُبُودِيَّتِهِ لِذَاتِهِ وَقَوْلُهُ: الرِّزْقَ إِشَارَةٌ إِلَى حُصُولِ النَّفْعِ مِنْهُ عَاجِلًا وَآجِلًا وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ: لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً نَكِرَةً، وَقَالَ: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ مُعَرَّفًا فَمَا الْفَائِدَةُ؟
فَنَقُولُ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ قَالَ: لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً نَكِرَةٌ فِي مَعْرِضِ النَّفْيِ أَيْ لَا رِزْقَ عِنْدَهُمْ أَصْلًا، وَقَالَ مَعْرِفَةٌ عِنْدَ الْإِثْبَاتِ عِنْدَ اللَّهِ أَيْ كُلُّ الرِّزْقِ عِنْدَهُ فَاطْلُبُوهُ مِنْهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الرِّزْقَ مِنَ اللَّهِ مَعْرُوفٌ بِقَوْلِهِ:
وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها [هُودٍ: 6] وَالرِّزْقُ/ مِنَ الْأَوْثَانِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَقَالَ: لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً لِعَدَمِ حُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ وَقَالَ: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ الْمَوْعُودَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَاعْبُدُوهُ أَيِ اعْبُدُوهُ لِكَوْنِهِ مُسْتَحِقًّا لِلْعِبَادَةِ لِذَاتِهِ وَاشْكُرُوا لَهُ أَيْ لِكَوْنِهِ سَابِقَ النِّعَمِ بِالْخَلْقِ وَوَاصِلَهَا بِالرِّزْقِ وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَيِ اعْبُدُوهُ لِكَوْنِهِ مَرْجِعًا مِنْهُ يُتَوَقَّعُ الخير لا غير. ثم قال تعالى:

[سورة العنكبوت (29) : آية 18]
وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (18)
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ التَّوْحِيدِ أَتَى بَعْدَهُ بِالتَّهْدِيدِ فَقَالَ: وَإِنْ تُكَذِّبُوا وَفِي الْمُخَاطَبِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَالْآيَةُ حِكَايَةٌ عَنْ قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ كَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَالَ لقومه: إِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَأَنَا أَتَيْتُ بِمَا عَلَيَّ مِنَ التَّبْلِيغِ فَإِنَّ الرَّسُولَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَالْبَيَانُ وَالثَّانِي: أَنَّهُ خِطَابٌ مَعَ قَوْمِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْحِكَايَاتِ أَكْثَرُهَا إِنَّمَا تَكُونُ لِمَقَاصِدَ لَكِنَّهَا تُنْسَى لِطِيبِ الْحِكَايَةَ وَلِهَذَا كَثِيرًا مَا يَقُولُ الْحَاكِي لِأَيِّ شَيْءٍ حَكَيْتُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ فَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَقْصُودُهُ تَذْكِيرَ قَوْمِهِ بِحَالِ مَنْ مَضَى حَتَّى يَمْتَنِعُوا مِنَ التَّكْذِيبِ وَيَرْتَدِعُوا خَوْفًا مِنَ التَّعْذِيبِ، فَقَالَ فِي أَثْنَاءِ حِكَايَتِهِمْ يَا قَوْمِ إِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ قَبْلَكُمْ أَقْوَامٌ وَأُهْلِكُوا فَإِنْ كَذَّبْتُمْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا جَاءَ عَلَى غَيْرِكُمْ، وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي الآية مسائل:
الْأُولَى: أَنَّ قَوْلَهُ: فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ كَيْفَ يُفْهَمُ، مَعَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَّا قَوْمُ نُوحٍ وَهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَبْلَ نُوحٍ كَانَ أَقْوَامٌ كَقَوْمِ إِدْرِيسَ وَقَوْمِ شِيثَ وَآدَمَ وَالثَّانِي: أَنَّ نُوحًا عَاشَ أَلْفًا وَأَكْثَرَ وَكَانَ الْقَرْنُ يَمُوتُ وَيَجِيءُ أَوْلَادُهُ وَالْآبَاءُ يُوصُونَ الْأَبْنَاءَ بِالِامْتِنَاعِ عَنِ الِاتِّبَاعِ فَكَفَى بِقَوْمِ نُوحٍ أُمَمًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا الْبَلاغُ وَمَا الْمُبِينُ؟ فَنَقُولُ الْبَلَاغُ هُوَ ذِكْرُ الْمَسَائِلِ، وَالْإِبَانَةُ هِيَ إِقَامَةُ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الرَّسُولَ إِذَا بَلَّغَ شَيْئًا وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْبَلَاغِ الْمُبِينِ، فَلَا يَكُونُ آتِيًا بما عليه. ثم قال تعالى:

[سورة العنكبوت (29) : آية 19]
أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19)
لَمَّا بَيَّنَ الْأَصْلَ الْأَوَّلَ وَهُوَ التَّوْحِيدُ وَأَشَارَ إِلَى الْأَصْلِ الثَّانِي وَهُوَ الرِّسَالَةُ بِقَوْلِهِ: وَما عَلَى/ الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْأَصْلِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْحَشْرُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِرَارًا أَنَّ الْأُصُولَ الثَّلَاثَةَ لَا يَكَادُ يَنْفَصِلُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فِي الذِّكْرِ الْإِلَهِيِّ، فَأَيْنَمَا يَذْكُرُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا اثْنَيْنِ يَذْكُرُ الثَّالِثَ. وَفِي الآية مسائل:
الْأُولَى: الْإِنْسَانُ مَتَى رَأَى بَدْءَ الْخَلْقِ حَتَّى يقال: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ؟ فنقول المراد

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست